حنين الجذع .
ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالجماد حنين
الجذع شوقاً له .
فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم
كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة ,فقالت امرأة من الأنصار , أو رجل : يا رسول
الله ! ألا نجعل لك منبراً ؟ قال : " إن شئتم فاجعلوه " فجعلوا له
منبراً ,فلما كان يوم الجمعة ذهب إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبى ,فنزل رسول
الله صلى الله عليه وسلم فضمها إليه , وكانت تئن أنين الصبى الذي يسكته , قال كانت
تبكى على ما كانت تسمع من الذكر عندها (1).
وعن الطفيل بن أبى كعب عن أبيه قال : كان النبي صلى الله
عليه وسلم يصلى إلى جذع إذ كان المسجد عريشاً , وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل
من أصحابه : يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبراً تقوم عليه يوم الجمعة , وتسمع
الناس يوم الجمعة خطبتك ؟ قال : " نعم " فلما صنع المنبر وضع موضعه الذي
وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم
على ذلك المنبر فيخطب عليه ,فمر إليه , فلما جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه
خار حتى تصدع وانشق , فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع , فمسحه
بيده , ثم رجع غلى المنبر , فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبى بن كعب , فكان عنده
فى بيته حتى بلى , وأكلته الأرضة (2) وعاد رفاتاً.
___________________
(1) صحيح أخرجه
البخارى .
(2) الأرضة : دويـبة صغيرة تأكل الخشب .
سقوط (360) بإشارة النبي صلي الله عليه وسلم بالعصا .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : دخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مكة وعلى الكعبة ثلاثمائة صنم , فأخذ قضيبه فجعل
يهودى به إلى الصنم , وهو يهودى حتى مر عليها كلها (1) .
وفى رواية عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة وجد بها ثلاثمائة وستين صنماً فأشار إلى
كل صنم بعصا وقال : { جَـاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } (2) فكان لا يشير غلى صنم إلا ويسقط من غير أن يسمه بعصاه (3) .
_____________________
(1) حسن : أخرجه البيهقى فى الدلائل (5/72) , رواه البزار
باختصار وذكره الهيثمى فى مجمع الزائد (6/176 ) , وقال : رواه الطبرانى ورجاله
ثقاب .
(2) سورة الإسراء الآية 81.
(3) أخرجه البيهقى (5/72) , وقال هذا الإسناد وإن كان ضعيفاً
يشهد له ما قبله , وقال الهيثمى (6/176) : رواه الطبرانى فى الأوسط والكبير بنحوه
وفيه عاصم بن عمر العمرى وهو مترك , ووثقه ابن حبان وقال : يخطئ ويخالف وبقية
رجاله ثقاب .
عذق النخلة ينزل منها ويمشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا الذي يقول أصحابك ؟ قال : وحول رسول الله أعذاق
وشجر قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل لك أن أريك آية ؟
"قال : نعم , قال : فدعا عذقاً منها فأقبل يخد الأرض حتى وقف بين يديه يخد
الأرض ويسجد ويرفع رأسه حتى وقف بين يديه ثم أمره فرجع . فقال العامرى (1)
يا آل عامر بن صعصعة والله لا أكذبه بشيء يقوله أبداً (2) .
وفى رواية قال : جاء أعرابى إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : بما أعرف أنك رسول الله ؟ قال : " أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه
النخلة أتشهد أنى رسول الله ؟ " قال : نعم , قال : فدعا العذق فجعل العذق
ينزل من النخلة حتى سقط فى الأرض , فجعل ينقز حتى أتى رسول الله , ثم قال له :
" ارجع " فرجع حتى عاد مكانه . قال : أشهد أنك رسول الله وآمن (3)
.
__________________
(1) العامرى : الرجل
صاحب القصة .(2) صحيح : رواه البيهقى في
دلائل النبوة (6 / 17) . (3) صحيح : رواه
البيهقى في الدلائل (6 / 15) , والحاكم فى
المستدرك ( 2 /620 ) , وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .
غصن الشجرة يأتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يرجع .
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض شعاب مكة وقد
دخله من الغم ما شاء الله من تكذيب قومه إياه , فقال : " يا رب أرنى ما أطمئن
إليه ويذب عنى هذا الغم " فأوحى الله إليه : " ادع إليك أى أغصان هذه
الشجرة شئت " قال : فدعا غصناُ فانتزع من مكانه ثم خد فى الأرض حتى جاء رسول
الله صلي الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم : " ارجع إلى
مكانك " فرجع , فحمد الله رسول الله وطابت نفسه , وكان قد قال المشركون :
أفضلت أباك وأجدادك يا محمد , فأنزل الله { قُلْ أَفَغَـيْرَ اللَّه ِ تَأْمُـرُونِـّي أَعْـبُدُ
أَيُّـهَا الْجَاهِـلُونَ } (1) . (2)
وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على
الحجون كئيباً لما آذاه المشركون . فقال : " اللهم أرني اليوم آية لا أبالى
من كذبني بعدها " قال : فأمر فنادى شجرة من قبل عقبة المدينة , فأقبلت تخد
الأرض حتى انتهت إليه , قال : ثم أمرها فرجعت إلى موضعها قال : فقال : " ما أبالى
من كذبني بعدها من قومى " (3) .
___________________
(1) سورة الزمر
الآية 6. (2) حسن : أخرجه البيهقى (6 /
13, 14 ) . (3) حسن : أخرجه البيهقى فى الدلائل , ويشهد الحديث الثاني للحديث
الأول .
الشجرة تمشى وتشق الأرض , وتقر للنبي صلي الله عليه وسلم بالشهادة .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فى سفر فأقبل أعرابى فلما دنا قال له رسول الله : " أين تريد
؟ " قال : إلى أهلي .
قال : " هل لك إلى خير ؟ " قال : ما هو ؟ قال
: " تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأن محمد عبده ورسوله "
.
قال هل من شاهد على ما تقول ؟ قال : " هذه الشجرة " , فدعاها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهى على شاطئ الوادى فأقبلت تخد الأرض خداً (1)
فقامت بين يديه , فاستشهدها ثلاثاً فشهدت (2) أنه كما قال , ثم أنها
رجعت إلى منبتها ورجع الأعرابى إلى قومه , فقال : إن يتبعوني أتيتك بهم وإلا رجعت
إليك وكنت معك (3) .
__________________
(1) تخد الأرض خداَ
: تشق الأرض شقاً .
(2) أى طلب منها الشهادة : فشهدت أنه رسول الله .
(3) صحيح : أخرجه الحاكم ( 2 / 62 ) , والبيهقى في
الدلائل (6 / 15) , وقال ابن كثير ( 6 / 138 ) : إسناده جيد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق