والخامس ليس لك أيتها المرأة المسلمة عوضا غير الله سبحانه وتعالى :
العوض منه سبحانه وتعالى, لماذا ؟ لأنه هو القائم علي كل نفس بما كسبت ,
يقول بعض أهل العلم كل شيء تعتاض عنه إلا الله , أي شيء فقد من وجد الله؟! , أي
شيء وجد من فقد الله ؟! أي شيء فاته الذي يعبد ربه ويعلم أنه يلاقي ربه ويؤدي
فرائض ربه وينتهي عن محرمات ربه سبحانه وتعالي ؟!
يقول أهل السير :- دخل أحد العلماء في مصر فرأي غلاما يصلي في العاشرة من
عمره في المسجد , ويتنـفل فلما سلم قبل للعالم هذا غلام يتيم دائما يصلي في المسجد
وفاته أبوه وليس معه سوي أمه , قال يا غلام أتريد أن تذهب معي وأنا أكفيك أمر
دنياك من الكسوة والنفقة والعطاء , قال الغلام :- إذن أتيت تطعمني ؟! قال أطعمك ,
قال : وإذا عريت أتكسوني ؟! قال : أكسوك , قال وإذا مرضت تشفيني ؟! قال : لا
أستطيع أن أشفيك , قال : وإذا مت تحييني ؟! قال لا أستطيع أن أحييك .
قال فاني توكلت علي الله : { الَّـذِي خَلَقَـنِـي فَهُوَ يَـهْـدِينِ * وَالَّـذِي هُوَ يُطْعِـمُنِـي وَيَسْــقِـينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ
فَـهُوَ يَشْـفِينِ } [الشعراء 78 : 80 ]
هــو الواحد الأحد .
هذا درس للولاية , وهذا موجود حتى في شباب الإسلام سواء القدماء أو
المعاصرين , ممن رُبي في بيت الإسلام علي طريقة تربية الصالحات المؤمنات العظيمات
اللواتي ربين أبناء , نجدهن في تحفيظ القرآن في الجمعيات الخيرية , في المدارس ,
في منابر الدعوة والإصلاح والنفع العام والبناء وفي المخيمات والملتقيات الإسلامية
.
رأينا الشباب يحفظون القرآن وفي أدب , وفي صدق وفي عطاء وهذا في الغالب
بسبب – في الغالب – تربية المرأة الصالحة جزاها الله خيرا هي وأمثالها .
أما الرسول صلي الله عليه وسلم فقد كان – بأبي وأمي هو – الأب الصحيح والزوج
الحق – عليه الصلاة والسلام – والأخ الذي جمع فيه كل الخير وزكاه كما تقول عائشة
وهي زوجته – رضي الله عنها في الدنيا والآخرة .
انظروا الآن في بعض أمور أحيانا تحصل بين المرأة وبين بنت زوجها من امرأة
أخري .
وفاطمة بنت خديجة لكن عائشة تقف علي جلال فاطمة , وتذكر سمتها ودينها
وعقلها , وتصف لنا مشهد في صحيح البخاري والله لو لم يحصل إلا أن تقدم هذا المشهد
ونسمعه لكفي تقول عائشة : كانت فاطمة إذا زارت رسول الله صلي الله عليه وسلم في
بيته – فهي يوميا كانت تزوره البيت في البيت – كان إذا سمع صوتها – صوت فاطمة –
وهو معلم الخير الذي دخل دينه القارات الست والذي أصلح الله به الإنسانية أعظم من
خلق الله وأشرف وأبر وأرحـم , فإذا سمع صوتها صلي الله عليه وسلم قام وخرج واستقبل
فاطمة , ,ويقبلها علي جبينها يوميا ويأخذ بيدها ويجلسها مكانه ويجلس بجانبها
ويتحدث إليها .
قالت فإذا قام صلي الله عليه وسلم يزورها وسمعت صوته , خرجت إليه فقبلت علي
جبينه ثم أخذت بيده , وأجلسته مكانه وأخذت تحدثه .
هذه صورة واحد من صور الرحمة عنده صلي الله عليه وسلم , صورة واحد عند معلم
الخير صلي الله عليه وسلم , الذي يهابه الملوك , كانوا ينتفضون بين يديه ويقول
لأحدهم : " هون عليك فإني بن امرأة كانت تأكل القديد في مكة " وهي آمنة
.
يقول أمي من الفقر والحاجة كانت تشوي اللحم بالملح وترفعه في الخيوط وتأكله
وقت الفقر.
قال بعض العلماء نعم أنت ابن امرأة تأكل القديد في مكة , ولكنك والله صاحب
المقام المحمود والحوض المورود , واللواء المعقود والشافعة الكبرى والميزان
والحق والشريعة الربانية والدين الخالص
والمعجزة الكبرى في القرآن هذا هو محمد صلي الله عليه وسلم , حتى يقول شوقي شكرا
يا أمنة في قصيدته قال :
وأهدت بنت وهب للبرايا
بد بيضاء طوقت الرقبا
يقول أعطتنا هدية والله طوقت رقابنا بالجميل , كل العلماء والزعماء والساسة
والمصلحين والأخيار والعباد والزهاد لهم جميل من محمد صلي الله عليه وسلم .
فكلهم من رسول الله مغترف غرفا من
البحر أو رشفا من الدين وهو صلي الله عليه وسلم الذي علمنا بعد ما علمه ربه
سبحانه وتعالى صلي الله عليه وسلم .
فالرسول صلي الله عليه وسلم يقف هنا قبل أن يصل تبكي زينب أو أمامة بنت
زينب , زينب بنته صلي الله عليه وسلم ,
وكان يغار علي بناته صلي الله عليه وسلم وكان يبكي لبكائهن .
وزينب هذه مات لها طفل , ورسول الله صلي الله عليه وسلم يستقبل وفود العرب
, وفود في مهرجان عظيم , ومشايخ بني تميم وغطفان , جاءوا يريدون ا لإسلام ,
والرسول صلي الله عليه وسلم والطفل صغير من ضمن أطفال العالم يموت .
قالت زينب لبلال اذهب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وقل له يأتي يشهد
ابني في سكرات الموت , فذهب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وإذا هو مشغول بسوق
العرب قال : يا رسول الله زينب تدعوك ابنها في سكرات الموت قال أبلغها السلام ,
وقل إن لله ما أخذ وله ما أعطي وكل شيء عنده بأجل مسمي , فلتصبر وتحتسب .
انتهي الموضوع فذهب بلال , فإذا هي تبكي , وقالت قل له والله ليأتين , فذهب
وقال له حلفت أن تقوم , فقام صلي الله عليه وسلم وأخذ الطفل في صدره صلي الله عليه
وسلم ثم بكي وبكت معه وزينب ثم دعا له ثم توفي الطفل ثم غسل الطفل وصلي عليه صلي
الله عليه وسلم , ثم دفنه وعاد , هذا هو محمد سيد الخلق صلي الله عليه وسلم .
زينب لها بنت – كما في صحيح البخاري ومسلم – اسمها أمامة , بكت أمامة في
وقت الصلاة بعد ما أذن المؤذن والرسول صلي الله عليه وسلم سيصلي بالناس , وأمها
غائبة , فأخذ الرسول صلي الله عليه وسلم أمامة وذهب إلي المسجد وهي علي كتفه .
هذا معلم الناس هذا أشرف من وطء التراب , تصور المشهد معي , فكان الرسول
إذا كبر وضعها , وإذا قان رفعها حتى صلي بالناس .......هذا حديث أمامة .
وبالمناسبة .... الشوكاني كان يصلي بالناس وعليه عمامة , فسقطت في الركوع
وفي السجود أخذها ورفعها , فقال له الناس بعد الصلاة أتحمل العمامة في الصلاة ,
قال لهم حمل العمامة اخف من حمل أمامة , يقصد بنت زينب بنت الرسول صلي الله عليه
وسلم .
يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " دخلت الجنة البارحة فرأيت
الرميساء أم سليم في الجنة " , وهي أم أنس بن مالك رضي الله عنهما , وأحسن
إليها بما فعلت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " رأيت قصر البارحة ,
قلت لمن هذا القصر ؟قالوا للرميسة اسمها الرميسة أم سليم " , فبشرها الرسول
صلي الله عليه وسلم فبكت من الفرحة , فقال البارحة أنا رأيت القصر ودخلته ورؤيا
النبي صلي الله عليه وسلم حق .
تهيأ القصر وزخرف القصر في الجنة , حيث الخلود وحيث النعيم والسعادة والصحة
بلا مرض , والشباب بلا هرم والحياة بلا موت , والغني بلا فقر والقوة بلا ضعف .
فالسيدة خديجة لما أصبحت مع النبي صلي الله عليه وسلم أتاها جبريل وقال :
من هذه يا محمد ؟ وجبريل أعلم بها , قال هذه خديجة , قال : أقرها مني السلام ,
هكذا نص الحديث , وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب .
قال أهل العلم : أما قوله : فبشرها
ببيت في الجنة ؛ لأنها أصلحت بيت الرسول صلي الله عليه وسلم في الدنيا ؛ فكان
جزائها أن يُهيئ الله لها بيت في الجنة , أما قوله لا صخب فيه : لأن الصخب هو
الضجيج والصياح ؛ وهي التي هدأت من بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وأدخلت فيه
السكينة والأمن فجزاها الله جل وعلا ببيت لا صخب فيه , ولا نصب : أي لا تعب لأنها
لم تُتعب محمد صلي الله عليه وسلم , وهي المرأة العظيمة التي كانت مع الرسول صلي
الله عليه وسلم , هي التي يوم أن فقدها صلي الله عليه وسلم حن لها وبكي وتأثر ,
وكان حتى يحسن إلي صديقاتها بعد ما ماتت ويتبعها بالوفاء حتى مات هو صلي الله عليه
وسلم , وكان يدعوا لها في صلواته , ويذكر أيامه معها ؛ واسته ووقفت معه , وقالت له
الكلمة المشهورة التي شرحها العلماء قالت مخاطبة رسول الله صلي الله عليه وسلم أول
ما نزل الوحي : كلا والله لا يخزيك أبداً إنك لتصل الرحم , وتحمل الكل , وتعين علي
نوائب الحق وتكسب المعدوم , فجزاها الله خيراً
.
يقول صلي الله عليه وسلم أين أم محجم ؟ أم محجم جارية سوداء كانت تكنس
المسجد فتوفيت في الظهيرة والرسول صلي الله عليه وسلم نائم كان في قيلولة فأتي
الصحابة فغسلت أم محجم وصلوا عليها ودفنوها , فقال الرسول صلي الله عليه وسلم :
أين أم محجم فما أراها هذا اليوم تكنس المسجد وتطيبه وتبخره – هذا .... صناع
الحياة حتى محمد أحمد الرث له كتاب صناعة الحياة قال كله يشارك في الحياة حتى أم
محجم .
المرأة الصالحة والكاتب الصالح الشاعر الصالح العالم الطبيب المهندس ,
المرأة الفاضلة في تخصصها , الموجهة , المربية , ربة المنزل , كل هؤلاء يشاركون في
صنع الحياة .
قالوا : يا رسول الله ماتت ودفناها , قال صلي الله عليه وسلم : أولا
أخبرتموني قوموا بنا إلي قبرها , فقام صلي
الله عليه وسلم فصلي علي قبرها , ودعا لها جزاءاً لذاك الجميل الذي قدمته للإسلام
, أم محجم دخلت الجنة من أنها تكنس المسجد في سبيل الله سبحانه وتعالي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق